جلسة التلاوة و شرح الوجه السادس عشر من الأعراف .
جلسة التلاوة و شرح الوجه السادس عشر من الأعراف .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح
لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام
التلاوة ؛ بعض المدود , ثم قام بقراءة الوجه السادس عشر من أوجه سورة
الأعراف و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا و ثم صحح لنا
استخراج الأحكام من الوجه , و انهى الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و
الترهيب للشيخ المنذري -رحمه الله-) .
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة :
أحكام المد و نوعيه :
مد
أصلي طبيعي و مد فرعي , المد الأصلي يُمد بمقدار حركتين و حروفه (الألف ,
الواو , الياء) , و المد الفرعي يكون بسبب الهمزة أو السكون .
أما الذي
بسبب الهمزة فهو مد متصل واجب و مقداره ٤ إلى ٥ حركات , و مد منفصل جائز
مقداره ٤ إلى ه حركات , و مد صلة كبرى مقداره ٤ إلى ٥ حركات جوازاً , و مد
صلة صغرى مقداره حركتان وجوباً .
__
و ثم تابع نبي الله يوسف الثاني الحبيب ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
يقول الله تعالى {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} :
قلنا
في الوجه السابق عندما قرأنا هذه الآية في آخر الوجه ، أن ربنا يُنزل
عذابه على القوم لعلهم يتضرعون و يرجعون إليه ، فربنا لما يضيق الأحوال على
الناس يكون يريد بذلك أن يضطرهم إلى اللجوء بالدعاء و اللجوء إليه سبحانه و
تعالى ، و قلنا بأن هذا يحصل قبل بعثة موسى و بعد بعثته أيضاً .
___
{فَإِذَا
جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ
سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ
عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} :
(فإذا
جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه) أي قوم فرعون يقولون بأنه من فعلهم و جهدهم و
أنهم العالمين العارفين ، يعني فرعون يقول أنا أبو العريف , و نحن نعلم أن
العذاب عامةً يأتي بسبب بعث النبي و تكذيبه ، هذه قاعدة عامة جعلها ربنا
سبحانه و تعالى .
(و إن تصبهم سيئة) أي قوم فرعون ، (يطيروا بموسى و من
معه) يطيروا أي يتشاءموا من موسى و من معه ، دائماً هكذا يتشاءموا من النبي
و قوم النبي أو المؤمنين بالنبي ، و على فكرة من ضمن الأسباب التي ربنا
اشتغل عليها على قوم فرعون و فرعون أنه انزل عذاب متتالي و متنوع و مُفَصل
يعني بين كل عذاب و آخر فاصل يعني هدنة ، لعل قوم فرعون يؤمنوا أو يتراجعوا
عن كفرهم بموسى -عليه السلام- و بعد ذلك ربنا فاهم نفسية هؤلاء القوم فكان
ينزل هذا العذاب و يجعلهم يتشاءموا من قوم موسى الموجودين في الأرض
المصرية ، فأصبح المصريين و فرعون يتشاءموا من وجودهم و يقولون أن وجودهم
يُحل عليهم اللعنة و العذاب ، فكان هذا من ضمن الأسباب القوية التي اشتغل
ربنا عليها حتى يجعل فرعون و قومه يفكوا بني إسرائيل من الأسر و من
العبودية فربنا فاهم النفسيات كويس جداً و بيشتغل عليها و هذا سلاح من
أسلحة الله عز و جل، و يجعل العدو بنفسه يغلب نفسه و هذا أعظم نصر .
(ألا
إنما طائرهم عند الله) ألا أن ما يحذرون منه و ما يخافون منه عند ربنا
سبحانه و تعالى ، ربنا هو الذي يسلط هذا الجندي على بني فرعون أو قوم فرعون
، يعني ربنا هو المسؤول عن إحساسهم هذا . و شؤمهم هذا و فألهم إن كان لهم
فأل فهو بسبب نياتهم و أعمالهم و كلها عند علام الغيوب .
(و لكن أكثرهم لا يعلمون) طبعاً لا يعلمون حكمة الله و تفاصيل تصاريف حكمة الله عز و جل و تدبيره .
___
و بعد ذلك لسان حال قوم فرعون و مقالهم يقول :
{وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} :
يقولون
لموسى : يعني مهما تأتينا من آيات لتخدعنا بها ، (تسحرنا بها) أي تخدعنا
بها ، فما نحن لك بمؤمنين ، فدائما الكفار في كل زمان و مكان يعملوا على
نظربة المؤامرة ، دائماً عندهم سوء ظن و هذا من أسباب هلاك الأمم .
___
{فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ
وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا
مُّجْرِمِينَ} :
في هذه الآية قرينة عظيمة جداً لأمر نحن قلناه قبل
ذلك ، حتى تعلموا أن القرآن يُفصل بعضه بعضاً و القرآن يفسر بعضه بعضاً ،
ما هي القربنة العظيمة هنا ؟ التي نحن فهمناها و من خلالها فهمنا الأمر
الذي قلناه سابقاً : نحن قلنا بأن طُوفان نوح كان طوفان محدود في جنوب
العراق لقوم نوح فقط و لم يكن طوفان للعالم كله أو للأرض كلها ، هنا أيضاً
قرينة تقول بأنه فعلاً طوفان يكون في منطقة محددة فقط من الأرض ، (فأرسلنا
عليهم الطوفان) الطوفان هو فيضان النيل ، عمركم رأيتم فيضان النيل يُغطي
الأرض كلها ؟؟ بل يغطي فقط جوانب النهر فقط ،إذاً الطوفان كان عذاب ، فيضان
النيل ربنا أرسله في وقت بعث موسى عندما كذب قوم فرعون موسى -عليه السلام-
فأغرق القرى التي حول نهر النيل ، فكان عذاب من الله عز و جل لقوم فرعون .
و
ثم وضع الله فاصل/ هدنة لعل قوم فرعون يؤمنوا ، و موسى يُذَّكر فرعون و
قومه من وقت لآخر ، لكنهم بعد ذلك لم يستجيبوا فأرسل ربنا عليهم أسراب من
الجراد قامت بأكل المحاصيل فكانت آية من آيات الله عز و جل ، و على اثر ذلك
هدأ قوم فرعون على قوم موسى قليلاً لكنهم عادوا و استكبروا مرة أخرى ،
فأنزل الله عليهم القُمل و هي حشرات و أوبئة ، ربما يكون القمل الذي يصيب
شعر الرأس و ربما يكون حشرات أخرى تؤذيهم ، و بعد فترة من ذلك لم يرجعوا
فأرسل ربنا عليهم الضفادع ، فانتشرت الضفادع في أرض مصر كلها فأصبحت عيشتهم
زي الطين ، و فرعون زهق/مَلَّ من أن قصره ممتلئ بالضفادع يتنططوا على
سريره ، و لما يجلس على العرش يلاقي ضفدع تحتيه مينفعش الكلام ده فزهق
فرعون ، فربنا جعل عيشتهم طين زي ما هي طين دلوقتي , و بعد ذلك ربنا أمهلهم
فترة لكنهم عادوا مرة أخرى ، فأرسل لهم آية الدم و الدم هو أن في مياه
النيل كبريت من منطقة الجنوب و أصبحت بلون الدم و غير صالحة للشرب فهذا
عذاب لهم و بقي لفترة و ثم انصرف ، و آيات كثيرة أخرى مفصلة في التوراة في
العهد القديم .
(و استكبروا) قوم فرعون استكبروا ، (و كانوا قوماً مجرمين) و معنى القوم غالباً في القرآن هو الجنود أو الحاشية المقربة .
___
{وَلَمَّا
وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ
بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ
وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} :
نحن قلنا بأن الرجز
هو غضب من الله عز و جل ينزل على الكافرين و المنافقين و المكذبين و
المرتدين و هو يورث الرجس ، و الرجس يكون شيء في القلب ، ربنا سبحانه و
تعالى يجعله كعذاب و كجزاء من جنس العمل ، لأن الله سبحانه و تعالى يُجازي
من جنس العمل , (و لما وقع عليهم الرجز) طبعاً من ضمن الآيات التي نزلت على
قوم فرعون : الأوبئة و موت الحيوانات و آخر آية التي كانت القاسمة القاصمة
كانت موت أبكار المصريين أو موت الأطفال يعني ، (و لما وقع عليهم الرجز
قالوا يا موسى ادع لنا ربك) الله الله الله !! يعني انتم عارفين و فاكرين
يعني و حاسين انه موسى يمكن يكون صادق !! أو أنهم يحاولوا بأن يتباركوا أو
يشعرون بأن إله موسى إله أيضاً قوي يُنزل آيات و عقاب على المصريين لأنهم
آنذاك كانوا يعبدون آلهة وثنية كثيرة ، فقالوا من الممكن أن يكون من ضمن
هذه الآلهة إله موسى فلماذا لا نجرب هذا الطريق و نذهب و نتبارك بموسى
قليلاً مع كبرهم ، يعني هو يذهب يتبارك بالنبي و بنفس الوقت يتكبر !!
أرأيتم المجرمين !!!!
(ادع لنا ربك بما عهد عندك) الخطاب من قوم فرعون
لموسى بأن يدعو الله عز و جل و يسأل ربه و هو سيجيبك بسبب الذي في قلبك
(بما عهد عندك) إيمانك ، تقواك ، حكمتك ، صدقك ، و هم يعلمون بأن موسى صادق
من داخله ، (بما عهد عندك) أي بصفاتك يا نبي ، بصفات موسى ، أي استنزل يا
موسى الرحمة من ربك ، و هنا نفهم التوسل/الوسيلة ، فموسى سيتوسل بإخلاصه و
صدقه لله عز و جل حتى يستنزل الرحمة و البركة ، و قوم فرعون كانوا فاهمين
هذا الكلام ، (بما عهد عندك) كذلك من معانيها : بالعهد الذي أعطاك إياه و
أنت حافظت عليه .
(لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك و لنرسلن معك بني
إسرائيل) هذا الدعاء أو الطلب كان يحدث مع كل آية و ليس مرة واحدة ، لأن كل
آية كانت تنزل و كل عذاب هو رجز ، فإذا كذبوا أورث في قلوبهم الرجس ، و
كانوا في كل مرة يدعون موسى بأن يصرف عنهم العذاب فيدعو موسى و يصرف العذاب
و بعد ذلك يرجعوا مرة أخرى كافرين و قلوبهم قاسية ، فهم مجرمين و ربنا
أعطاهم فرص كثيرة ، (و لما وقع عليهم الرجز) كل مرة و ليس آخر مرة ، (لئن
كشفت عنا الرجز) أي آية من آيات العذاب السابقة ، أي ضربة من هذه الضربات ،
(لنؤمنن لك و لنرسلن معك بني إسرائيل) سنخرجهم معك في البرية و تذهبوا
لإقامة عيد الفصح أو تقديمات لإلهكم في الصحراء .
____
{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ} :
كل
مرة نكشف الرجز و بعد ذلك تأتي آخر مرة ، (إلى أجل هم بالغوه) أي يعني
للمرة التي ربنا لن يعطيهم فرصة ثانية و لن يمهلهم مرة أخرى ، (إذا هم
ينكثون) ينكثون أي يخلفون بوعدهم لموسى بأنهم سيتركوا بني إسرائيل يخرجوا
مع موسى .
____
{فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ} :
(فانتقمنا)
الفاء هنا للسرعة ، (فأغرقناهم في اليم) كان استدراج عندما آية موت
الأبكار نزلت ، ربنا ضرب المصريين بهذه الآية ، و تفاصيل هذه القصة موجودة
في العهد القديم : لما ضرب الله الأبكار في مصر فضج المصريين ضجة عظيمة
جداً و تشاءموا من قوم موسى و قالوا لهم اذهبوا و كان عندهم حزن عظيم جداً ،
و هذه الآية : أنه كان عند موسى و بني إسرائيل عيد الفصح ، فقال لهم موسى
بأنه في هذه الليلة كل واحد منهم يذبح شاه و يصنعوا الفطير ليأكلوه و كذلك
اللحم ، و بعد ذلك يأتون بدم الشاه التي ذُبحت و ثم توضع على عتبات
البيت/على قوائم أبواب منازل بني إسرائيل و بعد ذلك قال لهم ربنا سبحانه و
تعالى بأنه في هذه الليلة سأُصيب المصريين بهذا الوباء و بهذا العذاب .
فإذا رأت ملائكتي العلامات على عتباتكم عبرت عنكم و أصابت غيركم .
، و
لما حدث هذا الأمر و في صباح اليوم الثاني وجد المصريون وبائا أصاب بيوتهم
أخذ كثير من أطفالهم ، هنا بقى خلاص المصريين جابوا آخرهم مع التلكعة يعني
بدأوا ما يتلكعوش خلاص و عرفوا أن الأمر خطير جداً فقالوا لموسى : اذهب من
مصر ، فنحن لا نريدك فأنتم شكلكم لعنة علينا و هذا لسان حالهم ، و بالفعل
خرج موسى و بني إسرائيل من مصر و كان اسمه يوم الخروج ، و بعد ما خرج .
المصريون جلسوا مع أنفسهم بقيادة فرعون المجرم و قالوا : هل سنتركهم يخرجون
و يفلتوا بدون عقاب ؟؟ فنحن يجب أن نعاقبهم و ننتقم منهم على كل الأذى
الذي أصابنا بسببهم ، فخرج المصريون وراء موسى بعد ثلاثة أيام تقريباً و
سبقوهم عند البحر الأحمر ، و موسى كان ممكن أن يسير من طريق سيناء البري
لكن الله ألهمه و أوحى له بأن يذهب إلى البحر عند خليج السويس و كان بني
إسرائيل مستغربين ، لكن ربنا كان يريد أن يحقق آية التي حصلت ، في الوقت
الذي وصل فيه موسى لخليج السويس قال له قومه : بأن هذا بحر ، فماذا سنفعل
؟؟ فقال لهم موسى : ربي هو الذي ألهمني بأن آتي هذه المنطقة بالوحي و الرؤى
و الإلهام ، و كان بني إسرائيل خائفين و كان لهم مستطلعين و قالوا لهم بأن
جيش فرعون وراءنا مسافة نصف يوم ، فاضطربوا أكثر فأكثر و قالوا : لو وجدنا
فرعون الآن فسيقتلنا على شاطئ البحر و دماءنا ستخالط ماء البحر ، فماذا
سنفعل ؟؟؟؟ ، فكان موسى واثق من وعد الله عز و جل ، و بقي بنو إسرائيل طول
الليل عند البحر ، و بقدرة الله عز و جل بعد الفجر ربنا سبحانه و تعالى فلق
البحر ، و هذا الفلق أحد الأمرين إما أن يكون فعلاً ربنا اختار هذه
المنطقة عند خليج السويس و سيحدث فيها جزر عظيم و هذا الجزر يُظهر لسان بري
يابس في البحر فيصل بين الضفتين الغربية و الشرقية ، و إما يكون هذا الفلق
فعلاً معجزة مادية ربنا سبحانه و تعالى جعلها لموسى بأن ضرب البحر بالعصا
فانفلق مباشرة ، فأي المعنيين نحن مؤمنين به ، و بعد ذلك ماذا حصل : فرعون
كان على بعد ميل يعني على مد البصر ، فهذه الظاهرة حصلت انفلاق البحر او
ظهور لسان يابس في البحر فقوم موسى و موسى نزلوا في هذا اللسان و عبروا
للجانب الأخر و هي مسافة قريبة يعني يمكن مشيها على مد البصر ، فمن ذهب
للبحر الاحمر يعرف ما أقوله ، فنزل موسى و قومه البحر و عبروا للضفة
الثانية ، و لما جاء قوم فرعون و الجنود خافوا من النزول في البحر فأمرهم
فرعون بالنزول و قال لهم الموت لمن لا يطيع ، فنزلوا وراء قوم موسى على
أساس أنهم سيأتون بهم ، فعندما عبر قوم موسى للضفة الثانية و نزل كل جنود
فرعون . ففورا ، الله أوقف هذه الظاهرة و أوقف الجزر و أطبق عليهم البحر
فغرقوا جميعهم و فرعون واقف على عربته الحربية في زهوه و ينظر لجنوده و هم
يغرقون (اليوم ننجيك ببدنك((أي يا فرعون))لتكون لمن خلفك آية) فعندما تعود
بمفردك إلى عاصمتك من غير جيشك فستكون عبرة و تتمنى أنك لو كنت مت قبل أن
ترى هذا اليوم ، لكن لن نميتك بل سنجعلك ترجع لهم و تقول لهم أنت و حرسك
الخاص الذي حصل ، و هذه من أعظم الآيات : غرق جيش فرعون أمام فرعون .
طبعاً
لما رأى فرعون هذا الأمر جاءته لحظات من الإيمان و آمن بالفعل بقلبه بأن
موسى على حق و لكن بعد فترة الإيمان يُنسى ، دائماً الإيمان يُنسى فالإنسان
نساي/كثير النسيان ، فأصل الناس كلهم مؤمنين لأن ربنا سبحانه و تعالى أخذ
عليهم العهد و عرفوا ربنا قبل أن يولدوا فهم مؤمنين و وظيفة الأنبياء
بأنهم يذكروا الناس بهذا الإيمان و لما يؤمنوا و يشعروا بلذة الإيمان و
حلاوة الإيمان فممكن بسبب ذنوب يفقدوا حلاوة الإيمان و يفقدوا الإيمان مع
الوقت ، فتكون فائدة الأنبياء تذكير أقوامهم بحالة الإيمان ، فدائماً
الإنسان بطبيعته كثير النسيان ، ينسى الإيمان ، و الذي كان مؤمن و نسيَّ
الإيمان نسميه منافق ، و المنافق ممكن يرجع يؤمن مرة أخرى لما يتذكر .
و اليم هو البحر .
___
{وَأَوْرَثْنَا
الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ
وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ
الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا
كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ} :
(أورثنا
القوم الذين كانوا يستضعفون) أي بني إسرائيل ، أورثناهم ماذا ؟ التي
باركنا فيها ، و تقدير الآية : أورثناهم الأرض التي باركنا فيها ، لكن ربنا
قال هنا مباشرة التي باركنا فيها لمعرفة المؤمنين بأن (التي باركنا فيها)
هي فلسطين ، فربنا أورث بني إسرائيل فلسطين .
ماذا يعني (كانوا يستضعفون
مشارق الأرض و مغاربها) ؟؟ مشارق الأرض يعني في بابل و العراق بعد السبي
البابلي ، و مغاربها يعني في مصر أي الذي حصل قبل السبي البابلي ، لأن مصر
هي مغرب فلسطين و العراق هي مشرق فلسطين ، فربنا جاب من الآخر و ثم رجع إلى
الأول ، و لذلك دائماً ربنا جمع ما بين فرعون و هامان ، و هامان هو وزير
من وزراء ملوك بابل كان يضطهد اليهود و كذلك فرعون كان يضطهد اليهود في مصر
، فربنا جمعهم مع بعض و لما ذكرهم في القرآن لكي يُفهمنا بأن نربط ما بين
إستعباد العراق لبني إسرائيل كان بعد السبي البابلي بعد إقامة مملكة اليهود
و إستعباد مصر لبني إسرائيل الذي كان أولاً ، و سبحانه و تعالى يجعل
الأيام دول .
(و تمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) إذاً
الصبر مفتاح الفرج ، ربنا رآهم صابرين فأعطاهم الجزاء الحسن طبعاً للمؤمنين
منهم ، (يعرشون) يعني يتفاخرون بالمباني ، دائماً يعرشون يعني البناء و
المباني ، فدمرنا كل هذا ، دمرنا على الأقل جيشهم و دمرناهم نفسياً لأنهم
رأوا بأنهم انهزموا أكثر من مرة ، مع كل ضربة ينهزموا و كانت أقوى ضربة و
آخر ضربة كانت ضربة الوباء الذي أصاب الأطفال و بعد ذلك غرق قوم فرعون و
جيشه في اليم .
● معنى كلمة اليم من أصوات الكلمات : الياء تموج ، الميم مصدرية ، يعني صاحب الأمواج و الذي هو البحر .
___
و تابع قمر الأنبياء يوسف الثاني ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان بإستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :
طلب من مروان مثال على مد صلة صغرى ، فقال :
{وَقَوْمُهُ وَمَا} .
و طلب من رفيدة مثال على مد عارض للسكون ، فقالت :
{يَنكُثُونَ} .
و طلب من أرسلان مثال على مد متصل واجب ، فقال :
{إِسْرَائِيلَ} .
__
و
ثم أنهى سيدنا و مزكينا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب
و الترهيب) للشيخ المنذري - رحمه الله تعالى - يقول : في الترغيب في جوامع
من التسبيح و التحميد و التهليل و التكبير ، فقال ﷺ :
عن ابن عمر
-رضي الله عنهما- أن رسول الله ﷺ حدثهم أن عبداً من عباد الله قال : "يا رب
لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ، و لعظيم سلطانك فَعَضِّلَتْ
بالملكين((يعني لم يعرفا ماذا يفعلان بها ، يعني في ملاك على اليمين و ملاك
على الشمال يكتبان الأعمال)) فلم يدريا كيف يكتبانها فصعدا إلى السماء ،
فقالا : يا ربنا إن عبدك قد قال مقالة لا ندري كيف نكتبها ؟ قال الله و هو
أعلم بما قال عبده : ماذا قال عبدي ؟ قالا : يا رب إنه قد قال : يا رب لك
الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و لعظيم سلطانك ، فقال الله لهما : اكتبها كما
قال عبدي حتى يلقاني فأجزيه بها((يعني اكتبُها كما هي و لما يأتيني يوم
القيامة أنا أجزيه بها بنفسي))" رواه أحمد .
روي عن ابن عمر -رضي
الله عنهما- عن رسول الله ﷺ : "من قال : الحمد لله رب العالمين حمداً
كثيراً طيباً مباركاً فيه على كل حال ، حمداً يوافي نعمه و يُكافئ مزيده ،
ثلاث مرات ، فتقول الحفظة((أي الملائكة)) : ربنا لا نُحْسِنُ كُنْه ما
قَدَّسَكَ عبدك هذا و حَمِدَكَ ، و ما ندري كيف نكتبه ؟ فيُوحي الله إليهم
أن اكتبوه كما قال عبدي" . ربنا يوحي للملائكة كما يوحي للبشر أيضاً ،
فالوحي درجات .
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال : قال أُبي بن
كعب : لأدخلنَّ المسجد فلأصلينَّ و لأحمدنَّ الله بمحامد لم يحمده بها أحد ،
فلما صلى و جلس ليحمد الله و يثني عليه ، فإذا هو بصوت عالٍ من خلفه يقول :
اللَّهم لك الحمد كله ، و لك الملك كله ، و بيدك الخير كله ، و إليك يرجع
الأمر كله علانيته و سره ، لك الحمد إنك على كل شيء قدير ، اغفر لي ما مضى
من ذنوبي ، و اعصمني فيما بقي من عمري ، و ارزقني أعمالاً زاكية ترضى بها
عني ، و تب عليَّ ، فأتى رسول الله ﷺ فقص عليه فقال : ذاك جبرائيل -عليه
السلام-" هنا أيضاً الملائكة تكلم الصحابة ، و الوحي أيضاً يأتي الصحابة ،
إذاً فالوحي متاح .
___
هذا و صلِّ اللَّهم و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
__
و
الحمد لله رب العالمين . و صلِّ يا ربي و سلم على أنبياءك الكرام محمد و
أحمد و يوسف بن المسيح صلوات تلو صلوات طيبات مباركات ، و على أنبياء عهد
محمد الآتين في مستقبل قرون السنين أجمعين . آمين . 🌿💙
======================
بلدة يوشع بن نون و هو في البقعة البيضاء رضي الله عنه و أرضاه
تعليقات
إرسال تعليق