درس القرآن و تفسير الوجه الرابع عشر من الأعراف .
درس القرآن و تفسير الوجه الرابع عشر من الأعراف .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أسماء إبراهيم :
شرح
لنا سيدي و حبيبي يوسف بن المسيح ﷺ أثناء جلسة التلاوة المباركة من أحكام
التلاوة ؛ أحكام الميم الساكنة , ثم قام بقراءة الوجه الرابع عشر من أوجه
سورة الأعراف و أجاب عن أسئلتنا بهذا الوجه ثم صحح لنا تلاوتنا و ثم صحح
لنا استخراج الأحكام من الوجه , و انهى الجلسة بأحاديث من كتاب (الترغيب و
الترهيب للشيخ المنذري -رحمه الله-) .
بدأ سيدنا يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحكام التلاوة :
إدغام متماثلين صغير و هو إذا أتى بعد الميم الساكنة ميم أخرى فتدغم الميم الأولى في الثانية و تنطق ميماً واحدة .
و الاخفاء الشفوي و هو إذا أتى بعد الميم الساكنة حرف الباء و الحُكم يقع على الميم أي الاخفاء يكون على الميم .
و
الاظهار الشفوي و هو إذا أتى بعد الميم الساكنة جميع الحروف إلا الميم و
الباء ، و الإظهار طبعاً سكون على الميم نفسها يعني الحُكم يقع على الميم .
__
و ثم تابع نبي الله الصادق الآمين يوسف الحبيب ﷺ الجلسة بشرح الوجه لنا فقال :
{وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} :
(و
قال موسى يا فرعون) هنا قصة كل نبي مع كل أبي جهل في كل عصر ، (و قال موسى
يا فرعون) قصة كل نبي مع كل إبليس في كل عصر ، (و قال موسى يا فرعون)
فرعون الذي فر عنه عونه و هو ما حدث و يحدث في العصر الحديث و في التاريخ
القديم ، (إني رسول من رب العالمين) إني : هنا تأكيد ، رسول أي مبعوث ، من
رب العالمين أي إله الأكوان .
___
{حَقِيقٌ عَلَى أَن لاَّ
أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم بِبَيِّنَةٍ مِّن
رَّبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} :
يعني أنا لم
آتي إلا بالحقيقة و الحق أي لا أكذب و لا أُجامل أحداً بل أنا سيف في الحق ،
(حقيق) يعني الحقيقة و هي (أن لا أقول على الله إلا الحق) يعني هذه هي
الحقيقة , (قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل) موسى كان ذاهبا
إلى هذا الإبليس النجس فرعون و يقول له بأن بني إسرائيل الذين قمت
باستعبادهم أخرجهم معي حتى يزول عنهم نَير العبودية .
___
و ثم يقول فرعون لموسى :
{قَالَ إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} :
هنا فرعون يتحدى موسى .
___
فماذا فعل موسى -عليه السلام- ؟
{فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} :
هذه
الآية على المعنيين : المادي و المعنوي ؛ ألقى عصاه هي عصا موسى التي كان
يرعى بها الغنم في البرية ، فباركها ربنا و وضع فيها صفة بأنها تتحول إلى
ثعبان عظيم , فالقى عصاه أمام فرعون فتحولت إلى ثعبان كبير ، و كذلك ألقى
عصاه فإذا هي ثعبان مبين فهي إشارة خفية لفرعون و لكل فرعون و لإبليس و لكل
إبليس بأن كيد الله سيتحقق و سيفتك بالكافرين و أن مكر الله فوق مكر
الكافرين .
___
{وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ} :
كذلك
هذه الآية على المعنيين : المادي و المعنوي ؛ المعنى المادي بأنه بالفعل
كان يضع يده في الجاكيت أو في صدره و يُخرجها فيجد يده كلها ناصعة البياض و
بعد ذلك يُدخلها مرة ثانية فتعود إلى لون البشرة الطبيعي ، و كذلك معنى
(نزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ) يعني يده بيضاء أي رجل نظيف , و إلقاء
العصا في نهاية الوجه له معنى ثاني ، فكروني أقوله لكم .
__
{قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} :
يعني
ألاظيش فرعون و الذين هم السفهاء حول فرعون ، (قال الملأ من قوم فرعون إن
هذا لساحر عليم) يعني لم يقولوا بأن هذه كرامة ؟ أو من الممكن أن يكون هذا
نبي ؟ أو تعالوا نتحقق من الأمر ؟ ، بل قالوا على الفور أنه ساحر يعني كذاب
لأن أصل كلمة سحر هو الكذب و الخداع الكبير ، و فسرنا معنى كلمة الملأ في
الوجه السابق .
___
{يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} :
يعني
يتغلب عليكم بالحُجة لأنه لو أصبح له الكلمة العليا أمام فرعون فإن الناس
ستسمع كلامه هو و لما الناس تسمع كلامه فإن هذا سيُخرج فرعون و قومه من
سلطتهم ! (يخرجكم من أرضكم) يعني من سيطرتكم على هذه الأرض و من ملككم و
سلطانكم ، (فماذا تأمرون) من يقول ؟؟ الملأ الذين هم بطانة فرعون من
السفهاء ، فهم يكلمون فرعون بصيغة الجمع تعظيماً له ، السفهاء و بطانة
فرعون يكلمونه بصيغة الجمع ، (فماذا تأمرون) يعني تؤمر بإيه يا فرعون يا
ملك .
___
{قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} :
كذلك
قال مستشاري فرعون لفرعون (أرجه و أخاه و أرسل في المدائن حاشرين) ، أرجه
يعني قم بتأجيل الحُكم على موسى أو لا تناظره الآن ، أرجه من الإرجاء أي
التأجيل ، (أرجه و أخاه) أخاه هو هارون ، (و أرسل في المدائن حاشرين) يعني
قم بإعلان في المدن المصرية عن مناظرة كبيرة بيننا و بينهم لكي نضع الحد
للحُجج التي يقولها موسى لأن الشعب هكذا سيُفتتن بكلامه و هم يحاولون بذلك
تقليل تأثير موسى على الشعب ، (حاشرين) يعني جامعين ، أي يتجمعوا في يوم
محدد و في زمن محدد و في مكان محدد .
___
{يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} :
مصر
كانت ممتلئة بالسحرة كما الآن هي ممتلئة بهم ، السحرة على المعنيين المادي
و المعنوي : سحر حقيقي فعلاً و الذي هو خبيث شيطان ، يقوم بأعمال شيطانية
خبيثة ، عليهم اللعائن تترا , أو سحر بمعنى الكذب بأنه كاذب يُموه بالكلام و
يخدع الناس بألاعيبه و تزييفه للحقائق .
____
{وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} :
السحرة
يبحثون عن المكسب الدنيوي . دائماً ، فيقولون لفرعون : يعني أنت ستعطينا
أجر و هدية و مكسب لو كنا نحن الغالبين ؟؟ ، قال فرعون لهم :
{قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} :
فهو يُقرب له المخادعين و السحرة لمجرد أنهم يُعطونه وعد بالانتصار على موسى .
___
{قَالُواْ يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ} :
خلي بالك دي استراتيجية عظيمة جداً ربنا يُبينها لنا :
قال السحرة لموسى : إما أن تلقي و إما أن نكون نحن الملقين , يعني إما أن تبدأ أنت أو نحن نبدأ .
___
قال موسى بالوحي و الإلهام من الله عز و جل :
{قَالَ أَلْقُواْ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاؤُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} :
دائماً
دع العدو يكشف أوراقه و بعد أن تطلع عليها ، إنزل بورقك جزئياً حتة بحتة
فهكذا تكون أنت المنتصر و تكون أنت الذي تهجم عليه و تقوم بالرد عليه و
تجعل الكرة في ملعبك و تجعله لا يعرف كيف يرد ، فهذه إستراتيجية نبوية ،
إستراتيجية إلهية ، إستراتيجية رسولية التي تجعل الكاذب يكذب كذبته و يتكلم
كما يريد و بعدما ينتهي ، انزل بحججك لكن لا تنزل بها مرة واحدة بل انزل
حتة بحتة فهكذا أنت تُدمره و تنتصر عليه , (فلما ألقوا سحروا أعين الناس و
استرهبوهم و جاؤوا بسحر عظيم) كما يحدث في كل زمان و مكان أهل الباطل
يسحرون أعين الناس بحججهم الباطلة .
___
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} :
(و
أوحينا إلى موسى) دائما في إتصال بين الرسول و الله ، (أن ألقي عصاك فإذا
هي تلقف ما يأفكون) هنا المعنى المعنوي الكبير و أنا حابب أن أُبينه و
أوضحه أن حجة النبي تكيد أباطيل المكذبين و تُبطلها على الفور ، فهنا عصا
موسى في هذه الآية معناها الحُجة النبوية و الدليل الإلهي ، و الأدلة و
الحجج النبوية دائما تبطل أباطيل الكافرين و المكذبين و المخادعين .
ألقي
عصاك يعني اظهر براهينك ، البراهين النبوية دمرت أباطيل الكافرين و
المكذبين ، و هذا معنى آخر من معاني إلقاء العصا ، و كل نبي معه عصا و بينة
بل و بينات ، و كل نبي هو أدرى إنسان في عصره بالله و صفاته و بطبيعة وحي
الله عز و جل ، لذلك يكون النبي في زمانه هو قدوة في كل شيء ديناً و دنيا ،
لأن ربنا فهمه كيف يعيش و أن يتكيف في عصره و كيف يتصل به و يفهم معاني
الوحي الإلهي ، و لا يُبعث الأنبياء إلا ليكونوا قدوة أي يُقتدى بهم .
____
{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} :
(فوقع
الحق) يعني أصبح الحق واقع ، يعني الحق حقيقة و تظهر في عالم الواقع ليس
فقط في عالم الكشف و الرؤيا ، فتكون في واقعنا ، (فوقع الحق) أصبح حقيقة
واقعة ملموسة ، (و بطل ما كانوا يعملون) يعني الذي كان يفعله السحرة تم
إبطاله .
___
{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ} :
بالحُجة و البرهان .
___
{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} :
خضعوا
على الفور لموسى لأنهم يعلمون بأن ما يعملوه باطل و لما وجدوا الحق و
كلمات الحق تُقال علموا بأنها حق ، لأنهم في المطبخ جوا عارفين اللي بيحصل
خلف الكواليس ، فلما وجدوا موسى و آياته و كلماته و سمعوها علموا بأن هذا
ليس بكلام سحرة بل هو كلام النبيين ، كلام الصادقين ، كلام المرسلين من رب
العالمين فلذلك (و أُلقي السحرة ساجدين) .
● معاني (بطل ، سحر ، ثعبان) من أصوات الكلمات :
-
سحر : هو تسرب الحر أو الذنب ، لأن الحِر في اللغة هو الذنب أو الفاحشة ،
كذلك الحَر هي الحرارة ، و هو فعلاً الساحر الذي يستمع له و يصدقه يتسرب
إلى قلب الإنسان الذنب و الفاحشة و الألم و الضيق و حر الذنب .
-
بطل : الباء طلب ، اللام علة ، الطاء قطع غليظ ، فالشيء الذي بطل ماذا حصل
له ؟ حصلت له علة القطع الغليظ أو طُلِبَ فيه و أبتُغي فيه علة القطع
الغليظ فبطل ، فأصبح غير موجود أي قُطِعَ ، بطل يعني قُطِع قطعاً غليظاً .
- ثعبان : الثاء صوت الأفعى و الدهشة ، العين لوعة و لعاعة ، بان أي ظهر ، أي ظهور اللوعة و اللعاعة و صوت الأفعى و هو الثعبان .
▪ و معنى إسم الله العليم : هي صيغة مبالغة فعيل من العلم ، شديد العلم ، عظيم العلم .
__
و تابع نبي الله الحبيب ﷺ الجلسة إذ طلب من مروان و رفيدة و أرسلان يإستخراج أمثلة على أحكام طلبها منهم من هذا الوجه :
طلب من مروان مثال على حكم همس ، فقال :
أحد حروف (حثه شخص فسكت) يكون ساكن أو أنت تُسكنه أن وقفت عليه .
{أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} لو وقفت عند الكاف .
{فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ} لو وقفت عند الفاء .
{قَالَ إِن كُنتَ} لو وقفت عند التاء .
{أَعْيُنَ النَّاسِ} لو وقفت عند السين .
و طلب من رفيدة مثال على حكم استعلاء ، فقالت :
{الْغَالِبِينَ} حرف الغين .
و طلب من أرسلان مثال على مد عارض للسكون ، فقال :
{الصَّادِقِينَ} .
__
و
ثم أنهى قمر الأنبياء و فخرهم يوسف بن المسيح ﷺ الجلسة بأحاديث من كتاب
(الترغيب و الترهيب) للشيخ المنذري - رحمه الله تعالى - يقول : الترغيب في
جوامع من التسبيح و التحميد و التهليل و التكبير ، فقال ﷺ :
عن
جورية -رضي الله عنها- أن النبي ﷺ خرج من عندها بَكرة حين صلى الصُبح و هي
في مسجدها ، ثم رجع بعد أن أضحى و هي جالسة ، فقال : "ما زلت على الحال
التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم . قال النبي ﷺ : لقد قلتُ بعدك أربع كلمات
ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لَوَزَنَتْهُنَّ : سبحان الله و
بحمده عدد خلقه ، و رضاء نفسه ، و زنة عرشه ، و مداد كلماته" رواه مسلم .
يعني هذه كلمات جامعات : سبحان الله و بحمده عدد خلقه ، و رضاء نفسه ، و
زنة عرشه ، و مداد كلماته . يعني إلى ما لا نهاية .
و في رواية لمسلم : "سبحان الله عدد خلقه ، سبحان الله رضاء نفسه ، سبحان الله زنة عرشه ، سبحان الله مداد كلماته" .
و
عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها -رضي الله عنه- أنه دخل مع رسول
الله ﷺ على إمرأة و بين يديها نوى أو حصى تُسبح به ، فقال : "أُخبرك بما هو
أيسر عليك من هذا أو أفضل ؟ فقال : سبحان الله عدد ما خلق في السماء ،
سبحان الله عدد ما خلق في الأرض ، سبحان الله عدد ما بين ذلك ، و لا إله
إلا الله مِثْلَ ذلك ، و لا حول و لا قوة إلا بالله مثل ذلك." .
___
و
الحمد لله رب العالمين . و اللَّهم كما صليت على سيدنا محمد و سيدنا أحمد
فصلِّ على حبيبك و نبيك و نبيِّي يوسف بن المسيح و على آله و صحبه و
ذريته أجمعين و على أنبياء عهد محمد الآتين الأكرمين في مستقبل قرون السنين
أجمعين . آمين آمين يا ربي البر الحسيب . 💙🌿
تعليقات
إرسال تعليق